الجمعة، 20 فبراير 2009

اعدلوا حتى تأمنوا




العدل قيمة أصيلة فى الاسلام ، به قامت السموات والأرض ، وبه يتحقق الأمان والسعادة فى حياة العباد جميعا ، مسلمهم وكافرهم ، طائعهم وعاصيهم ، والله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ، ويخذل الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة ، وقد أمرنا الله عز وجل بتحقيق العدل بين النالس جميعا ، بل إن رسالة الاسلام قائمة على نشر العدل فى الارض واقامة الحق ومطاردة الظلم والظالمين ، حتى بلغ الامر بان تكون كلمة الحق عند السلطان الجائر هى أفضل الجهاد والموت فى سبيلها هو أشرف الموت .

قال تعالى"﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِيْنَ بالقسطِ شُهَدَاءَ للهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135)﴾وقال تعالى"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)﴾ (المائدة)

هكذا نرى أن اقامة العدل هو الاسلام بعينه وان كان الامر سيؤدى الى الشهادة على النفس والاقربين نسبا او مكانا وان كان العدل مع من نبغضهم او نكرههم فلا يحملنا البغض لاحد ان نظلمه او نهضمه حقه ولا يحملنا الحب لاحد أن نحابيه او ان نقتطع له حقا ليس له .

كان عبد الله بن رواحة رضي الله عنه يأتي اليهود في خيبر كل عام، فيقدِّر ما في شجرها من ثمر ورطب وعنب، ثم يأخذ الشطر تنفيذًا لشروط الصلح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشدُّده معهم وأرادوا أن يرشوه فقال لهم يا أعداء الله، والله لقد جئتكم من عند أحب خلق الله إلى قلبي "أي رسول الله صلى الله عليه وسلم" وأنتم أبغض خلق الله إلى قلبي، ولا يمنعني حبي له وبغضي لكم من أن أحكم بالعدل، فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض.

ولاتحملنا كذلك المخالفة فى العقيدة ان نظلم من يخالفوننا فى العقيدة او نحيف عليهم ولكن المثل بالمثل والعفو من صفات اولى العزم

رأى علي رضي الله عنه درعه المسروقة عند يهودي، ومع أنه خليفة المسلمين واليهودي أحد مواطني الدولة وعلى غير دينه؛ إلا أنه مع كل هذا لم يأمر بأخذ درعه من اليهودي بالقوة مع قدرته على ذلك، ولم يأمر بسجن اليهودي أو الاقتصاص منه، وهو أيضًا قادر على ذلك، وما كان أحد سيلومه في ذلك أو يشكِّك في تصرفه، ولكنه آثر العدل ولجأ إلى القاضي، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته، وكانت المفاجأة أن يحكم القاضي ضد الخليفة ولصالح اليهودي.فكانت المفاجأة هي أن اليهودي- وقد أخذه العجب من كل ما يحدث أمامه من غرائب!!- أعلن أن الدرع للإمام علي، وأعلن أنه لم يرَ حاكمًا أغرب من هذا الحاكم (علي رضي الله عنه)، ولا قاضيًا أعدل من هذا القاضي؛ فأعلن إسلامه فكافأه الخليفة بإهدائه الدرع.

هذه أخلاق الاسلام وهذه صفات المسلمين المتمسكين بالاسلام عقيدة تدفع الى قول الحق واقامة العدل وشريعة قامت أساسا على العدل والرحمة وخلقا قويما انسانيا لا يختلف باختلاف الزمان والمكان والعقيدة لا عبادات جوفاء لا روح فيها ولاتهذب سلوكا ولا تقوم خلقاوالعدل هو الذى ينشر الامان بين الناس الامان فى النفوس والامان على الحياة من ان تزهق فى غير وجه حق والاموال من ان تضيع سدى والاعراض من ان تنتهك والستور من ان تكشف أمان للحاكم والمحكوم والغنى والفقير والقوى والضعيف فالكل فى تحصيل الامان والسعادة سواء، أمان جعل عمر -رضى الله عنه - ينام تحت شجرة نهارًا، ويأتي رسول ملك الفرس يبحث عنه فيدلّونه على رجل ينام وحيدًا تحت شجرة، فينظر إليه قائلاً: "حكمت فعدلت فأمنت يا عمر".فهل لنا أن نتخلق بالعدل فى حياتنا ونطالب به ونحرص على اقامته فى حياتنا وفى سياستنا وفى اقتصادنا كما نحرص على اقامة الصلاة سواء بسواء وهذا هو الاسلامهل نحقق العدل بين أولادنا وفى تعاملنا معى جيراننا ورحمنا وفى إصدارنا الاحكام على الاشخاص والمواقف والجماعات والهيئاتوهل ننصف أنفسنا من أنفسنا وغيرنا منها أم نظل نبحث فى السراب؟

ليست هناك تعليقات: