الخميس، 2 يوليو 2009

الساركوزيون العرب

عندما يهاجم ساركوزى الحجاب الاسلامى فهذا أمر غير منكور ولا مستغرب، لأن المهاجم ليس مسلما ولا حتى منصفا، ويكفى للدلالة على ذلك مواقفه السياسية من قضايا المسلمين.
لكن الذي يدعو للعجب والأسف في آن واحد، هم هؤلاء المسلمين الذين يؤيدون تلك المهاجمة، بل ويتبارون في الدفاع عن ساركوزى أكثر من دفاعه هو عن نفسه، حتى قال أحدهم "وللحقيقة فاني فرحت جدا لما قاله ساركوزي" وقال كذلك "لذا فاني اشد على يد ساركوزي ( المجرم ) سياسيا .. والداعية المتنور ( حضاريا ) الشجاع ( حياتيا ) والقابض على الجمر ( سلوكيا )...."
وقال آخر "وعليه فان محاولة البعض ربط موضوع النقاب بالموضوع الديني ومحاولة إظهار موقف الرئيس الفرنسي على انه إساءة للإسلام إنما فيه الكثير من المبالغة والتشويه عدا عن التحريض، وهو كما نرى موقف أو رأي للرئيس الفرنسي لا بد من احترامه"
والسؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن اعتبار هذا الكلام جهلا منهم بحقيقة الأحكام في الإسلام وحقيقة عداء الغرب للمسلمين أم ماذا؟
ولهم أقول افهموا أحكام الإسلام أولا، وليس هذا تجريحا ورميا لأحد بالجهل، وإنما هي النصيحة وإن كانت على الملأ فلأن الأمر يهم المسلمين جميعا.
الحجاب يا سادة فرض من فرائض الإسلام على المرأة المسلمة من أجل صيانتها عن الابتذال والمهانة، وهذا الوجوب لا يختلف عليه اثنان من المسلمين، وهو أمر معلوم من الدين بالضرورة، وأما المختلف فيه إنما هو القدر المغطى، وجمهور العلماء على أنه الجسم كله ماعدا الوجه والكفين، وأدلتهم في ذلك هي الأقوى والأرجح، لكن ذلك لا ينفى الرأي الآخر وهو ومعتبر في الإسلام وله أدلته المعتبرة، أن جسم المرأة كله يجب تغطيته بما في ذلك الوجه والكفين، أو ما تعارف عليه بالنقاب فالمسالة تدور حول خلاف فقهي مرجعه إلى تقدير قوة الأدلة ومدى ثبوتها وصحتها، أو فهم تلك الأدلة،
أما مسالة أن النقاب موروث ثقافي لبعض الشعوب دون البعض الآخر ليس له علاقة بالدين فهذا الخرف ليس من الإسلام في شيء، والتزام بعض الشعوب أو بعض النساء به دون البعض الآخر مرجعه إلى ذلك الخلاف الفقهي الذي فيه الرحمة للمسلمين جميعا، والمختلف فيه لا إنكار فيه كما تقول القاعدة الأصولية.
وأيا كان الأمر، فإننا على أقل تقدير يمكن اعتبار الأمر مسالة حرية شخصية، لا يجوز مصادرة الحرية فيها، خاصة في بلد تدعى الحرية والتنوير، والبلد الذي يسمح لليهود بأن يظهروا من الملابس ما يدل على هويتهم وثقافتهم رغم أنه لا يخضع للوجوب الديني، ما باله قد ضاق ذرعا بلباس قد فرضه الله علينا.
فهل يمكن اعتبار مهاجمة النقاب الذي يعتبر فضيلة تحرص نساء المسلمين عليه رأيا للرئيس ساركوزى لابد من احترامه؟!
إذا كنا لا نحترم رأى النساء ولا رغبتهن في اختيار الرأي الفقهي الموجب، فكيف بنا نحترم رأى عدو للإسلام والمسلمين بان النقاب استعباد للمرأة.
ثم أي استعباد هذا؟! الاستعباد يا سادة هو الخضوع لغير الله من هوى أو وضع أو سياسة.. الاستعباد هو القهر والظلم وسلب الحرية والكرامة.. والمستعبدون هم تلك الأنظمة الغربية التي لا تزال حتى اليوم تشارك في احتلال أراضينا، ونهب ثرواتنا، ومساندة أنظمة الفساد والقهر التي تحقق لهم أغراضهم ومراميهم.
ثم ما علاقة الحجاب بالتقدم أو التأخر، وما علاقته بالتخلف أو التنوير، هل كلما ازددنا عريا كلما ازددنا علما وثقافة؟! فلماذا بعد سنين العرى والفساد في بلاد المسلمين لم نتقدم خطوة واحدة؟
يا سادة إن العرى في بلاد الغرب ليس له علاقة بتقدمهم، وكلنا نعرف أن أسباب تقدمهم هو أخذهم بالأسباب، وحركتهم، وإبداعهم، وحرصهم على الصالح العام، وانتماءهم الحقيقي لأوطانهم، وكل ذلك بسبب الحرية التي افتقدناها في بلادنا، وهذا هو جوهر الإسلام الذي أخذوا به وهجرناه، وطبقوه وتركناه .
يا سادة لا تكونوا ساركوزيين أكثر من ساركوزى!!

ليست هناك تعليقات: