الاثنين، 8 سبتمبر 2008

لابد من القضاء على حماس

عندما يغالطك إنسان ويجادلك فى بديهية من البدهيات، كان يقول لك مثلا أن الشمس غير مشرقة الآن مع أننا فى منتصف النهار والشمس تقف فى كبد السماء تعلن عن وجودها بوضوح تام، فماذا عساك أن تفعل إلا أن تتذكر القول المأثور " ما حاورت عالما إلا غلبته وما حاورت جاهلا إلا غلبنى " وما أكثر الجهال فى زماننا الذين يغالطون فى البدهيات، ويجيدون فن قلب الحقائق، وليته جهل بسيط يدركه صاحبه ويعترف به إذا ظهرت له الحقائق ثم ما يلبث أن يعود إلى الجادة والصواب معترفا بخطئه معتذرا عما بدر منه، لكنه جهل مركب يجعل صاحبه يظن انه اعلم الناس وأدراهم بالحقائق مع وضوح جهله لدى العامة والخاصة ممن لا توجههم أهواؤهم للحكم على الأشياء أو الأشخاص أو الهيئات.
أقول هذا بمناسبة كثرة الحانقين على حماس من الكتاب والمثقفين – على حد زعمهم – المهاجمين لها بمناسبة وبغير مناسبة، المتجنين عليها الملفقين لها التهم المختلفة والمتنوعة، والواصفين لها بكل أنواع النعوت التى تنطبق عليهم على حد قول القائل " رمتنى بدائها وانسلت " وليتهم يذكرون وقائع حدثت بالفعل ويفسرونها تبعا لأهوائهم السقيمة فحسب، ولكنهم يبالغون فى الافتراء والكذب، واختلاق الوقائع الكاذبة التى يلصقونها بحماس وينزعون عنها كل فضيلة أو خلق حميد .
ولكن لماذا هذا الهجوم الحاد على حماس، وعزو كل مصيبة حلت بالشعب الفلسطينى وكل ضرر لحق بالقضية الفلسطينية إليهم؟ والحقيقة أن الأسباب مختلفة تتلخص فى الآتى:-

منهم من يهاجم حماس لأنه ينتمى إلى المعسكر الآخر " فتح" والمعلوم للجميع أنهم أدخلوا القضية الفلسطينية فى متاهات المفاوضات، فما بين مفاوضات وأخرى تزداد المستوطنات، وتبتلع الأراضى الفلسطينية، وتهتز الثوابت التاريخية للقضية الفلسطينية مثل حق العودة والقدس العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية، وتحفر الأنفاق تحت المسجد الأقصى تمهيدا لهدمه ومحوه من الوجود، وتقدم التنازلات تلو الأخرى فى سبيل الحصول على مكتسبات شخصية لقادة التفاوض من سيارات فارهة، وقصور فخمة، وأرصدة ضخمة، وألقاب عظيمة من رئيس ورئيس حكومة وكبير المفاوضين.. ألقاب لامعة لكن فارغة لا وجود لها على أرض الواقع، فهل بعد كل هذه المكتسبات تأتى حماس وتستولى على هذا كله وتسحب البساط – حسب زعمهم – من تحت أقدامهم وتكشف عوارهم وخيانتهم للقضية .

ويقول قائلهم أنهم "فتح " الذين سمحوا بالانتخابات الحرة النزيهة التى أتت بحماس حرصا منهم على تثبيت التجربة الديموقراطية فى بلدهم وأن يروا بلادهم تسودها الحرية والديموقراطية وتداول السلطة، فلماذا قامت الدنيا عندهم ولم تقعد عندما أفرزت الديموقراطية حماس؟ ولماذا سعوا إلى إفشالها ومحاولة إظهار أنها ضعيفة وغير قادرة على القيام بتبعات الحكم وإدارة شئون الدولة؟ ولماذا لم يتعاونوا معها عندما طالبتهم حماس بعد إعلان النتائج بفوزها أن يشكلوا حكومة وحدة وطنية من البداية، مع تأكيد حماس من البداية على حرصها على وحدة الصف الفلسطينى، وعدم رغبتها فى الانفراد بالحكم .
كل ذلك طمعا منهم "فتح" فى سقوط الحكومة الفلسطينية بقيادة حماس فى اقرب وقت ، ولما فشلت هذه المحاولة فى إسقاط حماس لجأوا إلى أساليب أخرى دنيئة أقل ما يقال عنها أنها أساليب عصابات وقطاع طرق، وذلك عن طريق التيار المنفلت التابع لهم، الذى قام بعدة أعمال إجرامية فى غزة من قتل للدعاة وترويع للآمنين وانتهاك لحرمة المساجد أملا فى إحداث فوضى فى القطاع حتى يثبتوا للعالم عدم قدرة حماس على السيطرة والقيام بواجبها كحكومة فى الحفاظ على امن المواطن الفلسطينى وتوفير أدنى سبل الحياة له .

فإذا قامت حماس باعتبارها حكومة ومسئولة عن الحفاظ على الأمن- لا باعتبارها حركة سياسية أو فصيل سياسى له فكره ومنهجه وأيدلوجيته المختلفة عن فتح وغيرها- بتطهير القطاع من المفسدين والقضاء على التيار العميل المنفلت الذى أحدث الرعب فى قلوب المواطنين فى غزة ( فهى عملية أمنية مرتبطة بواجب سلطة وحكومة تجاه شعب، وليست عملية سياسية تهدف إلى القضاء على فصيل آخر وحرمانه من العمل السياسى والنضالى ) توصف حماس بالإنقلاب على الشرعية ، فلو تخيلنا مثلا أن أى حكومة أو سلطة فى أى مكان فى العالم قامت بالقبض على مجموعة مسلحة قامت بأعمال السلب والنهب والتخريب فى البلاد وقامت بترويع الآمنين وقتل الأبرياء ومعاقبتهم، هل يحق لنا بعد ذلك أن نقول أن السلطة قامت بعملية انقلاب على الشرعية وغير ذلك من هذه التهم المضحكة المبكية فى نفس الوقت؟ إذا لاتهمنا بالجنون ومخالفة المنطق والعقل .

ومنهم من يهاجم حماس إرضاء لأنظمة فاسدة، وتملقا لهذه الأنظمة التى لا يمكن بأى حال أن ترضى عن حماس أو تقبل بها شريكا فى العملية السياسية، وكيف ترضى بها أو عنها وهى حركة إسلامية تقوم على فكر اسلامى معتدل مستنير هدفه إعادة الكرامة للإنسان فى وطنه ومقاومة الظلم أى ظلم.. ظلم الإنسان لأخيه الإنسان مهما كان مصدره نظام أو حاكم أومحتل، وكيف ترضى الأنظمة عن حماس وقد وصلت إلى الحكم بطريقة ديموقراطية سليمة فأوقعتهم بذلك فى الحرج الشديد لأنهم بلا استثناء جاءوا إلى الحكم بطريقة الحق الثورى والانقلابات العسكرية أو عن طريق انتخابات صورية شكلية النتيجة فيها معروفة سلفا .

ومن ثم تقوم هذه الأنظمة بتسخير إمكاناتها فى مهاجمة حماس وتشويه صورتها ومحاولة وأد تجربتها الديموقراطية حتى لا تتكرر هذه التجربة أو تصل عدواها إلى البلاد المجاورة فتصل الحركات الإسلامية إلى الحكم وتزيل الأنظمة المستبدة فتسخر هذه الأقلام المسمومة التى باعت دينها بدنيا غيرها وافتقدت ابسط قواعد العمل المهنى ومصداقيتها فى نقل الأخبار وتحليل الوقائع فمنهم من يصف حماس بأنها أضرت بالقضية الفلسطينية وأضعفت موقف المفاوض الفلسطينى وأخرت العملية السلمية سنين طويلة إلى غير ذلك من سلسلة الاتهامات الجاهزة.

ومنهم من يهاجم حماس لا لشىء إلا لأنها حركة إسلامية تنطلق فى عملها السياسى والنضالى من منطلقات الإسلام وقواعده وبما أنهم يكرهون كل ما هو اسلامى لأنهم ببساطة يصفون أنفسهم بأنهم علمانيون يفصلون الدين عن السياسة بل عن الحياة كلها وهم لا يفهمون لا فى دين ولا سياسة هم لا يجيدون إلا فن واحد هو فن الارتزاق من الأوضاع والعزف على الأوتار فى حينها والطرق على الحديد وهو ساخن ولذلك هم يرتزقون من التشدق بالعلمانية والدندنة بها بين الحين والآخر

ومنهم من يهاجم حماس لأنها دخلت فى العملية السياسية ورضيت بالديموقراطية التى فى نظرهم كفر وزندقة لا لشىء إلا لأنها آتية من الغرب ظانين أن حماس تركت طريق المقاومة والجهاد وارتمت فى أحضان السياسة وهؤلاء هم التكفريون الذين لا ينظرون إلا تحت أقدامهم ولا يفهمون سنن الحياة وكيف انه لابد من مغالبتها حتى تحقيق الأهداف وان المقاومة لابد لها من سلطة تحميها وتحافظ عليها وما المانع من السير فى الطريقين معا والموازنة بينهما دون إخلال بأحدهما من أجل الآخر؟

ونسى هؤلاء جميعا أو تناسوا أن حماس هى التى قدمت الشهداء والدماء من اجل فلسطين وهى التى أيقظت الروح القتالية فى نفوس الشعب الفلسطينى بعد ما ظن اليهود أن الأمر قد سلم لهم ولم يكتف قادة حماس بان تكون الشهادة من نصيب القواعد الحمساوية بل كانت الشهادة من نصيب القواعد والقادة على حد سواء وما أمر الشهيد احمد ياسين والشهيد الرنتيسى عنا ببعيد فضلا عن تقديمهم أبناءهم شهداء على طريق التحرير.
وبعد فمن أجل التسوية وسير العملية السلمية ومن اجل الشعب الفلسطينى حتى ينعم بالراحة والأمان ومن اجل القضية الفلسطينية ومن اجل عيون هؤلاء الجهال أقول لابد من القضاء على حماس.

ليست هناك تعليقات: